مدونة



بدأت رحلتي في قرية ترقوميا بمدينة الخليل؛ حيث بدأ شغفي بمجال الهندسة والتخطيط الحضري. بعد حصولي على درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة بيرزيت، سعيت لاستكمال دراستي وتوسيع خبرتي في مجال أرى أن له أثرًا إيجابيًا في حياة الناس ألا وهو النقل. في عام 2002، حصلت على منحة مرموقة من مؤسسة القدومي أتاحت لي فرصة دراسة الماجستير في جامعة تورونتو بكندا. وكانت هذه الخطوة بمثابة نقطة تحول كبيرة في حياتي المهنية.
تعد رحلتي من الخليل إلى الريادة في حلول النقل العالمية خير دليل على أن التغييرات الجوهرية تبدأ دائمًا بخطوة واحدة.
خبرتي كشريك ونائب رئيس قطاع النقل
خبرتي كشريك ونائب رئيس قطاع النقل
أُنشأت شركة SETS والمعروفة سابقًا باسم “حلول الهندسة والنقل الذكية” في عام 2004 وتعد حاليًا واحدة من أهم شركات المنطقة التي تقدم الحلول المتخصصة في مجال النقل والتنقل، وأصول المياه والبينة التحتية، والهندسة الإلكتروميكانيكية، والاستدامة، والعمارة والتخطيط الحضري، والحفاظ على التراث، وتنسيق المناظر الطبيعية والأماكن العامة، والهندسة البيئية، والهندسة الإنشائية.
باعتباري شريكًا ونائب رئيس في شركة SETS، كانت من بين أهم الخبرات في مشواري المهني الإشراف على مشروع مركز التحكم بعمليات النقل لصالح الهيئة الملكية لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة. لم تتطلب هذه المبادرة خبرة واسعة في تخطيط النقل وتكامل الأنظمة فحسب، ولكنها تطلبت أيضًا قيادة استراتيجية للتنسيق بين مختلف الجهات المعنية، والتقنيات والأهداف التشغيلية في رؤية واحدة مشتركة.
فمن خلال التعاون مع فرق من مختلف التخصصات، حرصنا على ضمان استيفاء كافة جوانب المشروع لأعلى المعايير الدولية من معمارية الأنظمة وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى العمليات الميدانية وتجربة المستخدمين. وقد أثبتت هذه التجربة صحة إيماننا بقدرة البنية التحتية الذكية على خلق تأثير كبير على نطاق واسع. فمن خلال هذا المشروع، تمكنا من دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي وحلول التنقل الرقمية في النسيج الثقافي والروحاني لمدينة مكة بما يخدم الناس واحتياجاتهم المختلفة.
خلال رمضان 1446/2025 وموسم الحج، أطلقت الهيئة الملكية لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة مبادرة كبيرة عبر المركز العام للنقل لإحداث تحول في طريقة تنقل ملايين الحجاج داخل المدينة. وكان تطوير وتنفيذ مركز التحكم بعمليات النقل من قبل شركة SETS هو أهم عناصر هذا التحول.
كانت مهمتنا دقيقة ولكنها معقدة، فلقد كُلفنا بتطوير منصة تتناسب مع الاحتياجات المستقبلية قادرة على التعامل مع حجم عمليات التنقل وحساسيتها وديناميكيتها خلال ذروة موسم الحج في مكة. ولقد نجحنا في تقديم أكثر من مجرد مركز تحكم، فلقد كان المشروع بمثابة نقلة نموذجية في طريقة إدارة عمليات التنقل خلال المناسبات التي تكتظ بالجمهور.
تحت قيادتنا، وبدعم من فريق عمل متميز ومتعدد التخصصات، طورت الشركة ونفذت نظامًا لإدارة حركة التنقل يعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي أصبح فيما بعد أساسًا لعمليات النقل في مكة خلال رمضان وموسم الحج. يستخدم هذا النظام البيانات الآنية من مختلف أنحاء المدينة، ويوفر لوحات متابعة تشغيلية لصناع القرار تسمح لهم بإدارة حركة المرور بشكل تنبؤي، وتمكنهم من الاستجابة السريعة للاكتظاظ المروري أو أي اضطرابات أخرى في نظام النقل.
خلال رمضان، ساهم النظام في تسهيل حركة أكثر من 60 مليون معتمر. وخلال موسم الحج، زاد حجم التحديات مع توقع توافد أكثر من 1.7 مليون حاج. عمل الفريق على توسعة قدرات النظام ليشمل المحاكاة الميدانية، والمتابعة المباشرة، وتتبع منافذ الدخول ولوحات المتابعة التي تناسب مختلف احتياجات أصحاب المصلحة المعنيين. وقد استعانا بفريق من 10 مطورين متخصصين في الذكاء الاصطناعي وموظفين تواجدوا في موقع المشروع ليتمكنوا من متابعة النظام على مدار الساعة وإجراء التحليلات والقيام بالتدخلات اللازمة منذ أوائل أيار وحتى منتصف حزيران.
وكان أهم ما يميز هذا المشروع هو الدمج بين نهج شركة SETS في تخطيط النقل وقدراتها الكبيرة في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي والخدمات الرقمية. فمركز التحكم لم يمكن مجرد أداة للمتابعة السلبية ولكنه كان محركًا استباقيًا لضمان التميز التشغيلي يتسم بالأمان والموثوقية ويضع تجربة المستخدمين على رأس أولوياته.
ويعد هذا الإنجاز خير دليل على رؤية الشركة الاستراتيجية وتفاني فريق العمل فيها وإيماننا جميعًا بأن البنية التحتية الذكية يمكن أن تحدث تحولات جوهرية على مستوى المدن، وبصفة خاصة في أوقات ممارسة الشعائر المقدسة والتي تتطلب استعدادات خاصة.
تشهد إدارة السفر وعمليات التنقل في الشرق الأوسط تحولات كبيرة بفضل الإرادة السياسية القوية، والنمو السكاني، والتوسع الحضري، والتنمية الاقتصادية، والابتكارات التكنولوجية. تتوسع دول الخليج مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر في الاستثمار في حلول التنقل الذكية في إطار رؤية أوسع نطاقًا مثل رؤية السعودية 2030 والاستراتيجية الوطنية للتنقل الذكي لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وتشمل هذه الجهود تطوير أنظمة نقل عامة متكاملة، وتعزيز استخدام المركبات الكهربائية وذاتية القيادة، وتنفيذ أنظمة ومنصات ذكية لإدارة النقل، واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة عمليات النقل والتنقل. وتسهم هذه المبادرات في تنفيذ مشروعات بنية تحتية كبيرة في دول الخليج، مثل شبكات السكك الحديدية عالية السرعة، وأنظمة النقل الذكية، والمشروعات التجريبية للمركبات ذاتية القيادة.
وعلى الرغم من التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط، لا تزال المنطقة تواجه تحديات مثل عدم تكامل اللوائح التنظيمية، وضعف التنسيق عبر مختلف الحدود، وبطء تبني حلول التنقل الذكية. ومن المتوقع أن يشهد العقد القادم تطورًا مستمرًا نحو منظومة تنقل أكثر ترابطًا واستدامة وأكثر اعتمادًا على البيانات.
رؤية SETS لمستقبل حلول التنقل الذكي
تتصور SETS مستقبلاً تدار المدن فيه من خلال أنظمة التنقل الذكية التي تتسم بالاستدامة وسرعة الاستجابة.
وتحقيقًا لذلك، تحرص الشركة على استخدام حلول الذكاء الاصطناعي في تخطيط مشروعات النقل والتنقل وتصميمها وتشغيلها، وذلك بهدف رفع مستوى الكفاءة وضمان السلامة وتعزيز الجودة وتحسين تجربة المستخدمين.
وتتلخص رؤيتنا في تطوير أنظمة تعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي تتناسب مع احتياجات كل مدينة ومجتمع لمتابعة أنماط التنقل والسفر بشكل آني، فضلاً عن أنظمة النقل باستخدام أجهزة الاستشعار والكاميرات وتقنيات الرؤية الحاسوبية لتحسين جودة الحياة وزيادة الإمكانات الاقتصادية لمجتمعاتنا.