مدونة
دامودي: منصة تقنية طورها إياد لتجربة سفر تلبي احتياجات المستخدم



وهناك جذبت أبحاثي انتباه أستاذ كانت لكلماته أبلغ الأثر على رحلتي في هذا المجال، فقد قال لي أنت لا تحل المعادلات فحسب، ولكنك تعيد تخيل مستقبل الحركة البشرية
. وكانت كلماته بمثابة البوصلة التي وجهتني ودفعتني للسهر ليالٍ طويلة مع زميل لي شاركني نفس الرؤية حول ضرورة إحداث تحول في مشهد التنقل.
ولكن نقطة التحول الحقيقية كانت غير متوقعة. فبعد حصولي على الدرجة الأكاديمية، دُعيت لفعالية في أوروبا وكانت فرصة رائعة، ولكنها في نفس الوقت كانت أشبة بمتاهة لوجيستية. فبمجرد البدء في تخطيط الرحلة، وجدت نفسي تائهًا في رحلة لا نهائية من البحث:
كيف أصل من المطار إلى الفندق؟
ما هي الخدمات التي يستخدمها المحليون؟
ما هي الخيارت الآمنة والموثوقة والمتاحة في الأوقات غير المعتادة؟
على الرغم من كل وسائل التكنولوجيا المتاحة لي، لم يكن هناك مكان واحد يمكن أن يجيب على كل هذه الأسئلة أو يلبي كافة احتياجاتي كمسافر. أتذكر جلوسي مع صديقي والذي أصبح لاحقًا مؤسسًا مشاركًا لي وكلانا مهندسان شعرنا بالإحباط ونحن نحاول جمع خيوط الرحلة من خلال مجموعة من التطبيقات والمواقع الإلكترونية والتخمين. كانت خلفية صديقي الدراسية في مجال الاستدامة واستراتيجيات الأعمال تكمل خبرتي التقنية، وأدركنا معًا أنه بما أننا عانينا خلال هذه التجربة، فمما لا شك فيه يعاني الملايين نفس هذه المعاناة.
وكانت هذه اللحظة التي شعرنا فيها بالإحباط هي الشرارة الأولى التي جعلتنا ندرك أن العالم لا يحتاج إلى تطبيق آخر للسفر، وإنما يحتاج إلى منصة توحد وتبسط تجربة السفر وتضفي عليها طابعًا شخصيًا.
وهكذا ولدت فكرة دامودي من تجربة حقيقية ورغبة صادقة في جعل تجربة السفر أسهل للجميع.
دامودي هي منصة تقنية متطورة تعمل على أتمتة السفر لأغراض العمل مع توفير تجربة متميزة تناسب احتياجات كل مستخدم، فاستخدام المنصة أشبه بالسفر بواسطة طيار آلي: فمن خلال منصة واحدة يمكنك حجز كل شيء من رحلات الطيران والفنادق حتى السيارات والقطارات، كل حسب اختياراتك بضغطة زر واحدة. عادة ما توصف المنصة بأنها “دروبوكس النقل”، إذ تجمع كافة جوانب تجربة السفر في واجهة واحدة تتسم بالسهولة والذكاء.
من خلال الاستفادة من تقنيات الأتمتة المتقدمة والرؤى المستمدة من الأنماط السلوكية، تنظم دامودي خطوات رحلة السفر بما في ذلك الحجز وإدارة تفاصيل الرحلة وتحسينها، مع الحد من أي احتمالات لعدم الكفاءة، والتي قد تكلف الشركات حوالي 20 % من ميزانية رحلاتها، فضلاً عن ضمان رضا المستخدمين وراحتهم.
وما يميز دامودي هو جمعها بين التكنولوجيا والعلوم السلوكية. فمن خلال تحليل تفضيلات المستخدمين وأنماطهم السلوكية، توفر المنصة توصيات تتناسب وتتوافق مع الاحتياجات الشخصية للمستخدمين، وهو ما يضيف العنصر الشخصي الذي تفتقر إليه الكثير من منصات السفر التقليدية.
كما تعد الاستدامة جزءً لا يتجزأ من رسالة دامودي. فالمنصة تعزز خيارات السفر الصديقة للبيئة، مثل برامج تعويض الكربون ومبادرات السياحة المسؤولة. كما توفر المنصة للمؤسسات لوحات متابعة فعالة تتوافق مع معايير الاستدامة وتتابع انبعاثات الكربون، لتساعد المؤسسات على تلبية متطلبات إعداد التقارير والمساهمة في تحقيق الأهداف العالمية للمناخ والتي تشمل هدف الحياد الكربوني بحلول 2050 كما هو منصوص عليه في إتفاقية باريس.

التحول الرقمي الذي يشهده عالم السفر
وفي قلب هذا التطور تأتي إضافة العنصر الشخصي. فلقد أصبحت المنصات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي الآن قادرة على تمييز الاحتياجات الفريدة للمسافرين وتفضيلاتهم والاستجابة لها، وتقديم خبرات تلائم احتياجاتهم بشكل فوري. في عام 2025، تجاوزت الأنظمة التي تعمل حسب السياق مفهوم الاحتياجات الشخصية فهي لا تكتفي بفهم من أنت وإلى أين أنت ذاهب، ولكنها تفهم أيضًا لماذا أنت ذاهب هناك وبالتالي تقدم توصياتها بناء على ذلك. ولكن على الرغم من هذه الإمكانات تفتقر الكثير من تجارب السفر إلى هذا البعد الشخصي. وبالتالي فإن دامودي تعمل على سد هذا النقص باستخدام العلوم السلوكية والأتمتة الذكية لتوفير رحلات متميزة تناسب كل شخص.
كما تعيد الأتمتة تشكيل كل مرحلة من مراحل السفر من التخطيط والحجز إلى التغييرات اللحظية وتقديم الملاحظات بعد الرحلات. فقد أصبحت الأنشطة الروتينية مثل تسجيل الدخول في الفنادق، وإجراء التغييرات في تفاصيل الرحلات، وإدارة أي خلل تتم معالجتها من خلال الذكاء الاصطناعي مما يوفر المليارات في قطاع صناعة السفر ويسمح للعاملين فيه بالتركيز على التفاعل الأكثر تأثيرًا مع العملاء. كما تسهم التحليلات التنبوئية التي تعمل من خلال تقنيات تعلم الآلة في تحسين كافة التجارب من تخطيط مسارات السفر وحتى تحديد سعر الأجرة، ما يساعد المسافرين على توفير التكاليف والوقت مع زيادة الكفاءة التشغيلية بالنسبة لمقدمي الخدمات.
وتسهم هذه الابتكارات مجتمعة في تحقيق نمو كبير في منظومة السفر. فمن المتوقع أن يحقق سوق السياحة الذكية على مستوى العالم مستوى نمو يصل إلى 11.2 مليار دولار أمريكي بحلول 2025 بفضل الذكاء الاصطناعي وتقنيات تعلم الآلة والأتمتة. فمن المزمع أن يتجاوز السفر لأغراض العمل وحده 1.64 تريليون دولار أمريكي مع حرص الشركات على إيجاد طرق أكثر استدامة وذكاء لنقل فرق عملها وإدارة تكاليفها.
وتأتي الشركات الناشئة في مقدمة هذه الثورة، إذ تستفيد من الذكاء الاصطناعي، والبلوك تشين، وإنترنت الأشياء، وغيرها من التقنيات الناشئة لحل التحديات الصعبة وخلق فرص جديدة لتحقيق الكفاءة والاستدامة والاستجابة للاحتياجات الشخصية. في عام 2024، حققت الشركات الناشئة المتخصصة في قطاع السفر 13.1 مليار دولار أمريكي من خلال أكثر من 200 صفقة، وهو ما يعكس ثقة المستثمرين في إمكانات القطاع وقدرته على الهيمنة على النماذج التقليدية وتحقيق قيمة جديدة.
اليوم، يدعم دامودي فريق من الخبراء الدوليين في مجالات التكنولوجيا، واستراتيجيات الأعمال، والتحول الرقمي تجمعهم رسالة واحدة ألا وهي إعادة تشكيل مستقبل السفر التجاري.
الرؤية المستقبلية: رسم ملامح المستقبل معًا
باعتباري الرئيس التنفيذي لشركة دامودي والذي بدأ رحلته من شوارع فلسطين حتى وصل إلى أحدث التطورات في مجال الهندسة وتعلم الآلة والاستشارات الدولية، أرى في نفسي مثالاً حيًا يؤكد أن المكان الذي تبدأ منه لا يحدد وجهتك. وقصتي تزيد قناعاتي أن الابتكار الحقيقي لا يتبع الاتجاهات السائدة، ولكنه يخلقها.
وفي الوقت الذي نسعى فيه إلى إسراع وتيرة نمونا، نفتح أبوابنا للمستثمرين من أصحاب الرؤى وخاصة في المناطق الحيوية مثل الشرق الأوسط، والذين يهتمون بصناعة عصر جديد للسفر ويرغبون في الانضمام إلى مشروع تحولي جديد.
ختامًا، تتلخص رؤيتي في خلق عالم تتاح فيه فرص السفر المستدام والسهل للجميع بغض النظر عن مكانهم أو وجهتهم.